نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 370
وقد كان أول ما
دفعني إلى هذا البرهان هو شعوري بأن الذي خلق هذا الكون ـ إن كان موجودا فعلا ـ فإنه
لابد أن يتصل بخلقه بأي طريقة من الطرق ليعرفهم بنفسه أولا، ويعرفهم بحقيقتهم
وغاية وجودهم ثانيا، وليعلمهم كذلك القيم التي عليهم أن يسلكوها لينسجم وجودهم مع
الكون جميعا.
وقد التقيت
حينها رجلا جمع بين الفلسفة والعلم راح يقول لي ـ بعد أن عرضت له ما خطر على بالي
ـ: إن ما تقوله صحيح.. ومنطقي.. فيستحيل على من صمم هذا الكون بهذا الإبداع، وأبرز
فيه لخلقه كل أنواع العناية والرعاية، أن يغفل عن هذه النقطة التي اهتدى إليها
عقلك.. ذلك يستحيل.
ذلك أن الانسان
لايستطيع أن يصل الى حقائق الوجود الكبرى بجهوده الشخصية.. ولا يستطيع أن يصل إلى فهم
أسرار بدء الحياة ونهايتها.. ولا حقائق الشر والخير.. ولا كيفية تنظيم أجهزة
الحياة[1].
ولهذا ترى
قومنا، بل من قبلهم من الفلاسفة تاهوا بعقولهم، ولم يتمكنوا أن يصلوا بها إلى
شيء.. لقد ذكر صديقنا [ألكسيس كريل] هذا، فقال: (إن مبادىء الثورة الفرنسية، وأفكار
ماركس، ولينين، لاتنطبق إلا على الانسان العقلي المثالى.. ومن الواجب أن نشعر
بصراحة تامة بأن قوانين العلاقات الانسانية لم تكشف بعد..أما الاجتماع والاقتصاد
وما أشبههما، فهي علوم افتراضية محضة، بدون أدلة يمكن اثباتها بها)
ومثله قال الأستاذ
[ج. و. ن. سوليفان]: (إن الكون الذي كشفه العلم الحديث هو أكثر غموضا وابهاما من
التاريخ الفكري بأكمله، ولاشك في أن علمنا عن الطبيعة أكثر غزارة من أي عصر مضى، ولكن
هذه المعلومات كلها غير مقنعة، فنحن نواجه اليوم الابهام