نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 206
برهان التناسق:
بعد أن أنهى
الرجل الثالث حديثه، قام آخر، وقال: بعد أن حدثكم صديقي وأخي عن [برهان التكيف]،
وكيف خرج به من ظلمات الجهل والغواية إلى نور الإيمان والهداية.. فاسمعوا حديثي عن
برهان من براهين الصنعة العجيبة، أطلقت عليه اسم [برهان التناسق].. وهو برهان يدل
على الله من كل الوجوه، وبكل المقدمات، وبجميع اللغات..
فقد كان أول ما
شد انتباهي ـ وأنا الذي كنت أمارس ألوانا مختلفة من الفنون ابتداء بالرسم والنحت
وانتهاء بالغناء والموسيقى ـ هو ذلك الجمال العظيم الذي يبدو ملازماً لكل أجزاء
الكون، والذي لم يستطع عقلي أن يهضم كونه جاء صدفة، وعن طرق عشوائية لا تدبير
وراءها ولا تصميم.
لقد كان[1] جمال السحب، وقوس قزح، والسماء الزرقاء،
والبهجة الرائعة التي تملا نفس الناظر إلى النجوم، وإلى القمر في طلوعه، والشمس في
غروبها، وروعة الظهر الفائقة، كل ذلك يهز كياني ومشاعري ويملأني بتشرب كل ألوان
الجمال وسحره.
وهكذا كنت أتأمل
من خلال المجاهر أصغر حيوان، وأدق زهرة، فأرى كيف تزينها خطوط من الجمال محكمة
الصنع.. وكنت أرى الخطوط البلورية التي توجد في العناصر والمركبات، من ندفة الثلج
إلى الأشكال الأصغر منها، إلى ما لا نهاية، كلها في منتهى الجمال والدقة والتناسق.
وهكذا كنت أرى
كل ورقة من الأوراق وهي تختال في أكمل شكل، وأجمل تخطيط.. وأرى لكل نبتة صفة
فردية، وخطوط فن أصيلة، وبتنظيمات كاملة، ووفق تصميمات صحيحة، وأرى ألوانها، وهي
موزعة بشكل مدهش، ومن النادر، إن لم يكن من