نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 199
لانقرضت كائنات أخرى كانت تتغذى عليها
هذه المخلوقات، هذا ما يسمى بالتوازن، فكل شيء في الوجود، مهما كان هيّنا وصغيًرا،
هو ضروري للحياة.
إن هذا وغيره كان يمكنه أن يحرك عقولنا
للتساؤل عن هذا السر.. فلو كان الإله شريرًا.. فلماذا الشر نسبي؟.. ولو كان الإله
شريرًا، لماذا أعطانا العقل، وسخر لنا الأرض، وأمدنا بالأدوات اللازمة؛ لكي نتغلب
على هذا الشر النسبي؟
سكت قليلا، ثم قال: لو أننا معشر
الملاحدة قارنا بين ما نراه في عالم الدنيا من خير وما نراه فيها من شر نسبي،
لعلمنا أن هذا الإله له كامل العناية بعباده.. وأن عدم إدراكنا لسر وجود ما نراه
من شر، لا يعني أنه شر بالفعل، وأن المقصود منه إذيتنا.
ولو أننا تركنا كبرياءنا وغرورنا ورحنا إلى
المصادر المقدسة للأديان، لوجدنا عندها الحل السهل البسيط العقلاني لهذه التي
سميناها معضلة..
فالإيمان بالله وبالمصير إليه حل وحيد
يجعل الإنسان قادرا على التعامل مع وجود الشر والألم في حياته، فالذي يؤمن بالله
واليوم الآخر يؤمن أن كل ما يصيبه من شر وألم في الدنيا، سيجد ما يقابله يوم
القيامة من ثواب.. أما الذي يؤمن بأن الحياة الدنيا هي فترة الحياة الوحيدة، وأن
الموت هو نهاية الوجود، فإنه محبوس بين جدران الميلاد والوفاة، وبالنسبة له تصبح
كل قرصة ألم، وكل لسعة أنين، مجرد خسارة لدقائق من أيام فانية تسير بالإنسان إلى
حتفه.
قال ذلك.. ثم عاد إلى سكونه وهدوئه..
وكأنه لم يلاحظ أن الجميع كان منشغلا عنه بالعبث والفوضى والتشاؤم، ولم يسمع كلامه
أحد إلا أنا وصاحبي.
آرثر
شوبنهاور:
ما هي إلا لحظات حتى قام رجل آخر كانت
الكآبة تكسو وجهه، وكان الحزن القاتم
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 199