نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146
قلت: وما الفرق بينهما؟
قال: العالم المتواضع هو الذي لا
يعدو قدره، ولا يتجاوز حده، ولا يعطي لنفسه السلطة على الكون، بل يحكم بما علم على
ما علم، ويردد ما ذكره الله من قول يوسف عليه السلام لإخوته: ﴿وَمَا
شَهِدْنَا إلا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾ [يوسف:
81].. أما المتكبر، فهو الذي يحكم ما علم على ما لم يعلم، فيفرض سلطته ورأيه
وغروره على الكون جميعا.. وقد قال الله تعالى في هؤلاء ردا على كبريائهم: ﴿مَا
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا
كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ [الكهف: 51]
قلت: صدق الله العظيم.. وقد أثلجت
صدري بما ذكرت، وقد مررت على كلا الصنفين من الناس.. وقد رأيت أن الإنسان كلما
ازداد علمه ازداد أدبه وتواضعه.. وكلما نقص علمه أو انحصر في مجالات عديدة كل ما
تاه به واغتر، حتى أنه قد يتيه على الله نفسه.
قال: لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال:
﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28]،
وقد جاءت هذه الآية الكريمة في معرض الحديث عن الكون وعجيب صنع الله فيه، وهي دليل
على أن الخشية تتحقق لأصناف العلماء المختصين في هذا النوع من العلم.
قلت: صدقت في هذا.. وأنا أعرف
الكثير من العلماء الذين امتلأوا إيمانهم من مفرق رأسهم إلى أخمص أقدامهم، ولم
تججبهم علومهم عن الله.. بل زادتهم اتصالا به وتواصلا معه ومعرفة له.
ما إن قلت هذا حتى فتح الباب، فرأيت
شيئا عجيبا لا طاقة لي، ولا لأحد من الناس، بتصويره.. لقد رأيت بشرا كثيرين لهم
ملامح عجيبة هي أشبه ما يكون بفئران التجارب.. والعجب أنهم جميعا موضوعون في قوالب
تشبه أنابيب الاختبار.. والأعجب من ذلك كله هو ما وضع تحت تلك الأنابيت من آلات
تسخين وتبريد وغيرها..
سألت صاحبي عن سر هذه الحالة التي
يعيش فيها هؤلاء، فقال: هذه صورة أعمالهم
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146